أنت هنا

"كنت يائسةً، وكنت قد فقدت الأمل، فبدا في ذلك الوقت الانتحار لحل الوحيد للهروب من العنف الأسري الذي كنت أعيشه"، قالت فاطمة *. "لم أكن أعرف كيفية التعامل مع الألم، أمّا الآن فأعلم. أنا قوية بما فيه الكفاية للبقاء على قيد الحياة. "

وفقا لتقارير مختلفة عن الانتحار، فإن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف الأسري في مرحلة ما من حياتها، وتحاول واحدة من كل أربع نساء من ضحايا العنف العائلي الانتحار.

عانت فاطمة، وهي أم لثمانية أطفال، من العنف الزوجي لأكثر من عقد.

وقالت: "لم أتوقع أبدا أن يضربني زوجي المحب". "قضى خلاف مع عائلته على تسع سنوات من الزواج وعلى حياة سعيدة كنا قد بنيناها معا".

بدأ الخلاف عندما أراد أخ زوج فاطمة طردهما من المنزل الذي كانا يستأجرانه منه منذ أن تزوجا. رفضت فاطمة، فانهل عليها أخ زوجها بالكلمات النابية، واعتبرها امرأة بلا شرف، وأرسلها إلى منزل والديها. تخبرنا فاطمة أن زوجها لم يدافع عنها ولم يقف الى جانبها في هذه المحنة، ولكن بعد حين طلب منها العودة إلى المنزل لرعاية الأطفال.

وبعد مرور عام، حملت فاطمة التي تبلغ من العمر 35 عاما مرة أخرى. "على الرغم من عدم الاستقرار الزوجي، وكنت سعيدة لحملي. غير أن رد فعل زوجي لم يكن إيجابيا؛ فرفضت دعم احتياجات الحمل، أو شراء الملابس للأطفال، أو إنفاق أي مال ". فوجدت فاطمة نفسها تعتمد على الدعم المالي من الجيران.

وأضافت قائلة: "في يوم ما، قررت أن أتحدث معه حول هذا الموضوع. كان فصل الشتاء قد حلّ وكنا نجلس حول المدفأة. رفض أن يعطيني المال. شعرت بيائس شديد، ولم يكن لدي مال لشراء الحاجيات لأطفالي. وفي لحظة من اليأس، هددت بحرق نفسي، فضحك علي وقال لي بأن أحرق نفسي؛ فاقترب من المدفأة لإخافته ولكن حرق نفسي عن طريق الخطأ ".

حُرق الجانب الأيسر من فاطمة، ورفض زوجها تزويدها بالمال من أجل الحصول على العلاج الخاص بالحروق، محملها مسؤولية ما حصل. شعرت فاطمة بالخجل الشديد ولم يكن لديها أحد ليقف الى جانبها. فلم يكن لدبها سوى والديها للإهتمام بتكاليف بعلاجها.

وبحلول ذلك الوقت، كانت قد قررت فاطمة عدم الإستمرار بالإنجاب؛ فلم ترى ليس صحيحًا إنجاب المزيد من الأطفال الى عائلة مفككة. وبدأت تأخذ حبوب منع الحمل دون علم زوجها.

وبعد مرور بعض الوقت، تحسنت علاقتهما، وطالب زوجه فاطمة بطفل آخر. "قلت لنفسي: لما لا؟ فهو يعاملني باحترام أكثر الآن". قررت عندها فاطمة أن تتوقف عن تناول حبوب منع الحمل وبعد فترة وجيزة، حملت.

ظنت فاطمة بأن هذا التطور إيجابي وبداية لمرحلة جديدة، لكن سعادتها كانت مؤقتة. " لا أعرف السبب، ولكن خلال فترة الحمل بدأ زوجي الاعتداء جسديا علي، فيصفعني وضربني بشكل يومي. وقال انه حتى استخدام العصي الخشبية أو أي أجهزة منزلية أمامه. كنت في بعض الأحيان، أصاب بحالات إغماء. لم يكن فقط الاعتداء جسدي فقط، بل كان يكرر دائمًا بأنني لست أم صالحة، وأنني أأثر سلبًا على بناتي ".

وتقول فاطمة: "أردت أن أترك زوجي مرات عدة. وربما يبدو قراري للبعض بالاستمرار بالزواج جنونًا، ولكن لدي أطفالاً يعتمدون علي، ومن واجبي حمايتهم ودعمهم ومنحهم الأمن والاستقرار الذي يستحقه كل طفل ".

ويوما ما أخبرتها جارتها عن مركز المرأة الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان في بنسلاوة. كانت مترددة في الانضمام؛ كانت تخشى من الحكم عليها. وتتذكر فاطمة المرة الأولى التي حضرت فيها دورة في المركز وكانت دورة خياطة. استقبلها الأخصائيون الاجتماعيون بابتسامة عريضة؛ ولم يقومن بالضغط عليها من أجل التكلم بل أشعرنها بالراحة، وأعطيتنها المساحة لتعبر عما في داخلها عندما تكون مستعدة. "أعطوني الوقت الذي احتاجه لأثق بهن. أكثر ما أحببته هو أنهن لم يحكمن عليّ ولم يشفقن علي، على العكس من ذلك، وقفن الى جانبي وسمحن لي أن أعبّر عما لدي. قبل أن انضم الى مركز المرأة، كنت وحيدة، وكنت منهكة جسديا وعقليا وقد استنفدت كل قواي. غير المركز حياتي. أنا الآن أتلقى الدعم النفسي الاجتماعي الذي يساعدني على مواجهة كل يوم بإيجابية ".

*تمّ تغيير الإسم لحماية الناجية وحفاظًا على خصوصيتها.