أنت هنا

كانت نيرمين في الحادية والعشرين من عمرهما عندما أجبرتها الحرب لمغادرة مسقط رأسها في القامشلي، سورية في عام 2012، حيث اضطرت للتخلي عن الحياة التي صنعتها لنفسها والأرض التي ترعرعت عليها لتهرب هي وأهلها واخواتها من نار الحرب المدمرة التي عصفت ببلادها، فقطعت المئات من الكيلوميترات بحثاً عن ملجأ وجدته في نهاية المطاف في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق.  

قالت مستذكرة: "لم أكن أتخيل أنه سوف يتوجب علي أن أبدأ من الصفر، فقد كنت أدرس الأدب العربي في الجامعة وأنوي أن أصبح معلمة. كنت قد رسمت خطة واضحة لحياتي إلا أن الله شاء غير ذلك. لقد أجبرتني الحرب على الإختيار بين حلمي وبين بقائي على قيد الحياة. وبالرغم من أن العيش في خيمة بانتظار مستقبل مجهول كان هو الخيار البديهي، إلا أنه خيار يدمي القلب." 

وأضافت: "كان من الصعب التأقلم مع حياتي الجديدة. لم يكن يغمض لي جفن أثناء الليل، وكنت أجبر نفسي على البقاء مستيقظة لأنني في اللحظة التي كنت أغلق فيها عيناي، كنت أرى وجوه جميع الناس الذين قتلوا أمامي. كانت هذه الصور تطاردني، أحسست أن الحياة قد انتهت وأنني لن أحيا حياة طبيعية بعدها."

عاشت نرمين مع أهلها لمدة عام قبل أن تتغير حياتها. قالت: "كنت حزينة لفترة طويلة ولم أكن استطيع استيعاب فكرة أنني لن أرى أصدقائي و زملائي ومن أحبهم مرة أخرى. وعلى الرغم من كل هذا، وفي يوم من الأيام كنت جالسة خارج خيمتي أقرأ كتاباً عندما التقيت برجل وقعت في حبه من الوهلة الأولى."

وأكملت: "تزوجنا بعد عدة أشهر وسكنا في مخيم دوميز 2 في محافظة دهوك ولدينا الآن طفلين جميلين ابنتي سلمى والتي تبلغ من العمر ثلاثة أعوام ونصف وابني سامر ذا العامين" ثم أضافت وهي تحسس على بطنها بحنان: "وأنا حامل الآن."

تعيش هذه الأم في خيمة في مخيم دوميز 2 والذي وجد فيه 8,700 لاجئ ملاذاً آمناً لهم. وفي المخيم، يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان  وحدة أمومة و ولادة، وعيادة للصحة الانجابية ومركزاً للشباب ومركزاً مجتمعياً للمرأة. وكانت نيرمين قد ولدت ابنها سامر في جناح الولادة الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان والممول من قبل النرويج. ويموّل النرويج ثماني عيادات للصحة الانجابية ووحدة أمومة و ولادة.

تقول نيرمين: "تغلبني المشاعر كلما تذكرت ذلك اليوم، فالطاقم الطبي في المستشفى هو من أنقذ حياة طفلي. كان الحبل السري قد التف حول عنق سامر، وبالرغم من أن الأطباء حاولوا طمأنتي بأن الأمر ليس بالخطير وأنه تحت سيطرتهم، كان كل ما كنت أفكر فيه هو أنني سأفقد طفلي، وتوقف العالم بالنسبة لي فأصبحت الدقائق كأنها دهر ولم أعد أستطع أن أشعر بدقات قلبي، كنت أنفجر باكية بين الفينة والأخرى وأختنق بالدموع فيطلب مني الطاقم الطبي أن أحاول أن أتنفس. استطعت أن أتنفس مرة أخرى عندما حملت سامر بين ذراعي، كان صغيراً وجميلاً."  

وأكملت الأم التي تنتظر مولودها الثالث: "جلست مع الطبيبة النسائية والتي شرحت لي أهمية الزيارات الدورية للعيادة أثناء الحمل، وبما أنني حامل بطفلي الثالث والتي آمل أن تكون بنتاً، فأنا أزور عيادة الصحة الإنجابية بشكل دوري تحسباً لأي عارض ولتعزيز فرصة ولادة طفل سليم معافى والحصول على ولادة آمنة."

وأضافت: "ليس لدي النية بإنجاب أطفال بعد ذلك. لقد اتفقنا أنا وزوجي بعد والولادة بأن نزور العيادة لحضور جلسات تنظيم الأسرة. إن الحياة صعبة ومعقدة في المخيم وفي الخيمة، فهذه ليست بيئة صحية لتربية أبنائنا فيها."

******

صندوق الأمم المتحدة للسكان: العمل من أجل عالم يكون فيه كل حمل مرغوبا فيه وكل ولادة آمنة، ويحقق فيه كل شاب وكل شابة إمكاناتهم

للمزيد من المعلومات، يرجى التواصل مع القسم الإعلامي، الآنسة سلوى موسى smoussa@unfpa.org