أنت هنا

سرى البالغة من العمر 26 سنة من محافظة الديوانية بدأت بسرد قصة كفاحها والتغيير الإيجابي في مسار حياتها حيث ابتدأتها "بالرغم من الصعوبات التي واجهتني، لم يوقفني شيء من التقدم للامام في حياتي".

عام 2019 خيم الحزن على حياة سرى بوفاة والدها حيث كانت طالبة في السنة الثالثة في كلية الهندسة، عبرت عن ذلك الشعور بقولها "احسست في تلك اللحظة ان الحياة لا معنى لها" حيث لم يتبقى لديها من عائلتها سوى والدتها.

كان لوالدتها بالغ الأثر في دعمها وتشجيعها للاهتمام والتركيز على دراستها وتحقق حلمها بأن تصبح مهندسة متميزة، اصبح الحلم حقيقه وتخرجت سرى من كلية الهندسة. ولكن لم يمضي سوى شهرين من الاحتفال بهذا الانجاز قبل ان تعاني من انتكاسة اخرى في حياتها حيث عانت والدتها من اثار فايروس كورونا وتوفيت على اثرها. أصيبت سرى بالعدوى أيضاً لكنها تماثلت للشفاء بعد معاناة مع المرض بينما بقيت الاثار النفسية واضحة عليها، حيث عانت من فقدان الذاكرة وتوقفت عن التحدث والاندماج مع اقرانها. 

لم تستطع تقبل الصدمة، وكذلك بدأت تشعر بالإهمال والتمييز ضدها من قبل المجتمع. أصبحت سرى وحيدة ومنطوية على نفسها وبعيدة عن أصدقائها وباقي أفراد المجتمع حيث فقدت الشغف في الحياة واحست أنها لن تستطيع أن تعيش حياتها الطبيعية من جديد.

لحسن الحظ، وجدت سرى طريقًا جديدًا لحياة أفضل عندما شاهدت أختها منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي يخص دورة تدريبية حول المهارات الحياتية في مركز للشباب في مدينتهم، واقنعت سرى للانضمام للدورة التدريبية. كانت هذه الدورة انعطافة في حياة سرى حيث مثلت هذه بداية جديدة للتغييرات الإيجابية في حياتها. انضمت سرى الى دورة في تدريب المدربين على صحة المراهقين وخلال هذا التدريب، التقت بأشخاص جدد وتمكنت من إعادة الاندماج في المجتمع مرة أخرى..

كان للأشخاص الذي التقتهم في المركز الشبابي بالغ الأثر عليها حيث قاموا بتشجيعها ودعمها، مما ساعدها على تعلم مهارات جديدة مثل التواصل وبناء الثقة. سرى اليوم أكثر قوة وثقة وتتواصل بصورة افضل مع الناس وبدأت أيضًا في التطوع في الأنشطة المجتمعية كجزء من فريق حيث اكتسبت مهارات جديدة، وبدأت بالبحث بشغف عن وظيفة للاستفادة من مهاراتها والخبرات التي اكتسبتها من خلال تدريبها وعملها التطوعي.

لقد ساهمت برامج الشباب، التي اطلقها صندوق الأمم المتحدة للسكان في أربعة مراكز شبابية في الديوانية،  بشكل إيجابي في تغيير حياة سرى وأكثر من 3000 مراهق وشاب، وذلك بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة ومحافظة الديوانية ومنحة سخية من شعب اليابان. يوفر صندوق الأمم المتحدة للسكان تعلم المهارات الحياتية ومعلومات الصحة الإنجابية في تلك المراكز.

والجدير بالذكر أنه في عام 2022، ساهمت مراكز الشباب الأربعة في محافظة الديوانية بدعم 17000 شاب وشابة بمجموعة واسعة من المهارات والمعرفة من خلال جلسات التوعية والتدريب على المهارات الحياتية والدعم النفسي الاجتماعي وخدمات الإرشاد والعديد من التدريبات الاخرى.

وفي النهاية صرحت سرى: "الإرادة تجعل المستحيل ممكناً". ما اعتقدته سرى بعيد المنال أصبح واقعها الآن. إصرارها واستثمارها في الفرص والاندماج مع أقرانها في مركز الشباب عزز إيمانها بأنها قادرة على تحقيق جميع الأهداف التي تطمح إليها.