أنت هنا

1 كانون الأول / ديسمبر 2021 ؛ بغداد – مع انضمام العراق كطرف في اتفاق باريس ، تدعو الأمم المتحدة في العراق إلى التضامن مع الشعب العراقي ودعمه في جهوده المبذولة لمواجهة تغير المناخ.

العراق ، المعروف تقليديا بـ "أرض بين نهرين" أو بلاد ما بين النهرين ، والوفرة والخصوبة ، يشهد بشكل متزايد أحداثاً مناخية شديدة و متطرفة مما يضاعف من الهشاشة البيئية و من ندرة  في المياه. شهد حوض النهر ثاني أدنى معدل هطول للأمطار منذ 40 عامًا ، مع آثارٍ تم الشعور بها في جميع أنحاء المنطقة. و مع بناء السدود في البلدان المجاورة ، انخفض معدل تدفق المياه في نهري دجلة والفرات في العراق بنسبة 29٪ و 73٪ على التوالي. أن التأثير القاسي لتغير المناخ يقوم بتهديد الأمن الغذائي ، وفقدان سبل كسب العيش ويحد التقدم في مجال المساواة بين الجنسين. فهو يشكل تهديداً للتمتع الكامل بحقوق الإنسان ، ولا سيما بالنسبة للجماعات والأشخاص الأكثر هشاشة.  كما و يسهم تأثير تغير المناخ في الاضطرار الى النزوح الداخلي والى الهجرة غير المستقرة. و تتحمل النساء والأطفال والشباب العبء الأكبر في هذا الوضع المتدهور.

بعد انعقاد مؤتمر الأطراف السادس والعشرون COP26 وتعزيز التزامه بالحد من الانبعاثات لغازات الاحتباس الحراري ، يتخذ العراق خطوات للتحول نحو اقتصاد أكثر خضرة ، بما في ذلك من خلال تعزيز الاستثمار في الغازات الطبيعي وتخصيص 12 جيجا واط من الطاقة المتجددة. وقد قامت حكومة العراق ، و بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ،بالانتهاء من تقرير المساهمات المحددة وطنياً (NDC) الذي يتناول ويعالج التخفيف من تأثيرات تغير المناخ وسبل التكيف معها. وفي إطار المساهمات المحددة وطنياً NDC -  سياسة مظلة العمل لتغير المناخ في البلاد - سيخفض العراق وبشكل طوعي 1-2٪ من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون من الصناعة ، وسيقوم بفتح نافذة لاستثمار 100 مليار دولار أمريكي في الاقتصاد الأخضر ، لكلا القطاعين الخاص والعام على مدى السنوات العشر القادمة. و في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين COP26 ، ركز العراق على المساهمات المحددة وطنيا (NDC) لتعزيز التنمية المستدامة وضمان السلامة والشفافية البيئية.

وتعتبر هذه التطورات إيجابية ، لكن الدعم العالمي المستمر ما يزال مطلوباً . بالنسبة لموسم المحاصيل القادم لعام  2021-22  ، فمن المتوقع مرة أخرى ان تكون الظروف أكثر جفافاً في معظم انحاء المنطقة ، بما يتوافق مع أنماط ظاهرة النينيا. وقد قامت وزارة الزراعة العراقية بتقدير نسبة إنتاج القمح والشعير في الأجزاء الشمالية من البلد - والتي تعتمد بشكل أساسي على هطول الأمطار - حيث يمكن أن تكون أقل بنسبة 70٪. وعليه، و في تشرين الأول / أكتوبر 2021 ، وتماشيًا مع هذه التوقعات ، قررت وزارة الزراعة تقليص المساحات السنوية للزراعة بنسبة 50٪ ، بالتشاور مع وزارة الموارد المائية.

أصبح الفتك بالأسر وبسبل كسب العيش وفقدان الماشية والمحاصيل بسبب ندرة المياه حقيقة واقعة لتلك المجتمعات المحلية الأكثر تضرراً من تغير المناخ. إضافة الى محدودية الوصول إلى الأسواق بسبب القيود المفروضة على الحركة بشكل متقطع فيما يتعلق بـوباء كوفيد - 19 ، وارتفاع أسعار الأعلاف والمعدات منذ تخفيض قيمة الدينار العراقي بنسبة 18٪ ، وانخفاض معدل هطول الأمطار ، مما يؤثر أيضًا على مربي الماشية بسبب انخفاض مناطق الرعي وتوافر محاصيل العلف

و في محافظتي نينوى وصلاح الدين الشماليتين والتي تعد من المناطق الأكثر تضررا من نقص معدل الأمطار ، يحدد تحليل برنامج الأغذية العالمي أن معدلات الاستهلاك الغذائي غير كافية واستخدام استراتيجيات تكيف سلبية بين الاسر مثل اقتراض المال أو تناول كمية طعام أقل . ، تقارب ضعف متوسط المعدل الوطني. تضم المحافظتان 2.5 مليون شخص عادوا إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح: ويشكلون أكثر من نصف اجمالي عدد العائدين في العراق.

وفي دراسة حديثة أجرتها المنظمة الدولية للهجرة IOM قامت بتسليط الضوء على الهجرة لسكان الريف والمزارعين بسبب الظروف الناجمة عن تغير المناخ وانتقالهم إلى مدينة البصرة الجنوبية بحثًا عن فرص عمل أخرى. وهنالك تحديات أخرى يواجهها أولئك الذين يهاجرون في سياق تغير المناخ ويحاولون الاستقرار في أوساط جديدة وبيئة معقدة بذات رأس مال مالي واجتماعي محدود ، مما قد يؤثر على قدرتهم في الوصول إلى الخدمات والمطالبة بحقوقهم. وما تزال المدن الجنوبية تواصل معاناتها مع الأمن الاقتصادي والحوكمة وقد لا تكون مستعدة بشكل جيد لاستيعاب تدفقات المهاجرين.

ويبين تقرير تحليل السكان الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الهجرة المستمرة أدت إلى توزيع غير متوازن للسكان حيث يعيش ما يقرب من 70٪ من السكان في المناطق الحضرية ، مما يؤثر سلبًا على التنمية الزراعية. و من المتوقع أن تقوم النساء والفتيات السير لمسافات أطول للحصول على المياه وجلبها ، مما يعرضهن لمخاطر أكبر من العنف القائم على النوع الاجتماعي. و يمكن أن يؤدي فقدان سبل كسب العيش إلى زيادة زواج الأطفال وحمل المراهقات ، ونزاعات بين المجتمعات المحلية. وفقًا لمؤشر المخاطر المناخية على الأطفال لمنظمة اليونيسيف ، فإن الأطفال والشباب معرضون لمخاطر مناخية من متوسطة الى عالية في العراق ، مع وجود فئات تعاني الهشاشة ومناطق معينة من البلد معرضة لمخاطر أكبر.

العراق لديه أعلى معدل نمو سكاني سنوي في المنطقة بنسبة 2.8٪ ، وتبلغ نسبة عدد السكان الذين هم في سن العمل نحو 57٪. والآن قد حان الوقت لكي يقوم المجتمع الدولي بدعم العراق في تسخير إمكاناته للنمو المستدام ، ودفع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ، ومعالجة أزمة المناخ ، والوفاء بالتزامات المجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان لمنع الآثار السلبية المتوقعة لتغير المناخ – والتكيف مع تلك التي تحدث بالفعل حالياً - على جميع المجتمعات العراقية المتنوعة ، وتوفير حياة كريمة لسكانه.

وتقوم الأمم المتحدة ، قبل مؤتمر الأطراف السادس والعشرون COP26 وبعده ، بتقديم الدعم الى العراق بشأن التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه ، وذلك من خلال تصميم مشاريع مستدامة تركز على خلق سبل لكسب العيش والتنمية على المدى المتوسط والطويل الأجل ، والتي من شانها تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية في كفاءة المياه والصرف الصحي والري وإدارة استهلاك المياه ، وكذلك استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية. و تعمل الأمم المتحدة أيضًا مع الحكومة على التدريب وتنمية المهارات وتعزيز القدرة على التصدي لتغير المناخ. كما وتعمل الجهود المناصرة والمؤيدة على زيادة الوعي العام بمواضيع استهلاك المياه والإدارة المستدامة للمياه.

ومع ذلك ، لا يزال الوضع الاقتصادي في البلد غير مستقر. فبالنسبة للمجتمعات المحلية التي تعاني من هشاشة الأوضاع ، والتي تعتمد الغالبية العظمى منها على الزراعة وصيد الأسماك والثروة الحيوانية كمصدر للعيش ، فإن تغير المناخ يشكل طبقة أخرى من الإجهاد لا يمكنهم تحملها بمفردهم.

بدافع من اتفاق باريس ، على الحكومة والمجتمع الإنساني للتنمية الاستجابة الآن وبالتعاون مع الشركاء من كلا القطاعين العام والخاص ، والمجتمع المدني ، والنساء ، والشباب ، والمهاجرين ، والنازحين والمجتمعات المتضررة ، للاستثمار في الحلول وتحسين آفاق الأمن الغذائي على المدى الطويل ، ومنع تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية ، من خلال استخدام نهج قائم على حقوق الإنسان ، و ضمان إمكانية التخفيف من تأثير تغير المناخ على السكان في العراق ، لا سيما أولئك الذين يعيشون في أكثر الأوضاع هشاشة. يجب أن ندعم الدولة لمواصلة اتخاذ الإجراءات لإدارة مواردها الطبيعية ، بدءًا بالمياه ، والاستثمار في الابتكارات التكنولوجية مثل استخدام الطاقة المتجددة وتخصيص الموارد الكافية للحلول المستدامة.

إيرينا فوياشكوفا- سوليورانو، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية، العراق

الدكتور صلاح الحاج حسن، ممثل منظمة الزراعة والاغذية، العراق

جورج جيجوري، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة، العراق

دانييل بيل، ممثلة مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الامم المتحدة، العراق

زينة علي أحمد، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، العراق

الدكتورة ريتا كولومبيا، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان، العراق

شيما سان غوبتا، ممثلة اليونيسف، العراق

علي رضا قريشي، ممثل برنامج الأغذية العالمي، العراق