أنت هنا

كانت تبلغ  نورا 12 عامًا عندما هربت عائلتها من الحسكة في سوريا بحثًا عن مكان آمن في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق.

كانت الظروف المعيشية في المخيم صعبة وكان والدها بالكاد يستطيع أن يوفّر ضرورات الحياة. فأخرج نورا من المدرسة وأرسل شقيقها الأصغر للعمل لإعالة الأسرة. وبعد ثلاث سنوات، ساء وضعهم حيث أصبح والدها عاطلاً عن العمل.

وفي أحد الأيام، تلقى عرضًا إهتقد أنه لا يستطيع رفضه: تزويج ابنته لرجل يكبرها 25 عامًا مقابل أجر معين. كانت نورا آنذاك تبلغ 15 عامًا. لحسن الحظ، كانت تزور وبشكل دائم مركز المرأة الذي يقدم برنامج الیافعات الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان وكانت مدركة لمخاطر زواج الأطفال. توسلت إلى والدها ألا يتنازل عنها لرجل تعلم أنه لن يكون جيدًا معها. بكى والدها وقال لها إنه ليس لديه خيار آخر.

تقول نورا: "كنت يائسة، لذلك قررت أن أطلب المساعدة من الأخصائية الاجتماعية في مركز المرأة".

وفي اليوم التالي، زارت الأخصائية الاجتماعية زيارة منزلية لعائلة نورا وناقشت مع والدها مخاطر زواج الأطفال على ابنته.  يعد إشراك الرجال والفتيان في برامج التوعية حول زواج الأطفال والعنف القائم على النوع الاجتماعي من أكثر الطرق فعالية لتعزيز التقدم الاجتماعي.  

فأخبرت الأخصائية الاجتماعية والد نورا عن إمكانات ابنته إذ كانت فنانة موهوبة أذهلت أعمالها الكثيرات في المركز. أخبرته أنه إذا ساعد في رعاية موهبتها، فستتمكن من بيع لوحاتها ومساعدته في الحصول على بعض الدخل. وفي نهاية الحديث، وافق الوالد واختار الاستثمار في مستقبل ابنته ورفاهها.

أما اليوم، تأخذ نورا دروسًا فنية في مركز الشباب، وعندما تسنح لها الفرص، تعرض وتبيع فنها في معارض مختلفة.

تقول نورا: "لو كنت متزوجة الآن، لكانت حياتي قد انتهت. أما الآن أنا أرى مستقبلا مشرقا و لدي حلم أطمح بتحقيقه".