تترك الازمات المتأثرة بتغيرات المناخ الارض التي يستوطنها الناس خراباً ويباباً، فتمزق أرضها، وتشتت أهلها، وتمتص ضرعها، وتدمر زرعها، وتجفف انهارها وترعها، هذه المتغيرات ترسم فروق، وتخط حدود، وتنسج قيود وتبرم عهود ووعود.
لقد داهمت التحديات الكبيرة المصاحبة للتغير المناخي، البنى المؤسسية والنسيج المجتمعي فأوجدت عجزاً بنيوياً، وتوالد متواصل للمشكلات تتسم بتهميش الإمكان البشري، ومحدودية توظيفه وضعف نموه وافتقار لأرادة المجتمع ولأدوات تمكينه هددت بمجملها عوامل استقرار المجتمع وفرص نموه وأمنه الانساني وجودة نوعية الحياة فيه.
وبات من المسلم به اليوم وعلى نطاق واسع أن تغير المناخ يعد اهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي في القرن الحادي والعشرين. انها تشكل تحديا مستمراً للعناصر الأساسية للعيش المشترك ولأهداف السياسة الاجتماعية والاقتصادية، المعززة بالترابط بين النمو والإنصاف والازدهار والتنمية المستدامة. إذ ينظر للتهديدات المباشرة للتغيرات المناخية على الأمن الانساني عبر النشاطات غير المسؤولة للانسان بانها تهدد صمود المجتمعات الانسانية على المدى الطويل وفي جميع أنحاء العالم. كما أنها تطرح بشكل غير مسبوق تحديات لنظم الحوكمة العالمية المسؤولة عن كل منظومات السيطرة على الظاهرة والاستجابة لتأثيراتها. وهذا المسار يدفعنا بالسعي الحثيث لتعزيز البحث والعمل على فهم العلاقة بين تغير المناخ والابعاد الاجتماعية الرئيسة للهشاشة والعدالة الاجتماعية والإنصاف .
ولعل من المهم الاشارة ان هناك اجماع عالمي على حدوث تحول كبير في الحالة المناخية للأرض قبل نهاية هذا القرن حيث تتصاعد المخاوف الوطنية والاقليمية والدولية بشأن تأثيرات تغير المناخ على الموارد المائية والزراعة على المدى القصير والمتوسط والطويل. هذه المخاوف أدت إلى زيادة في التحريات التجريبية في العلاقة بين تغير المناخ والزراعة وبقية النشاطات الانسانية.
تبقى البلدان النامية ومنها العراق، أكثر عرضة للخطر بسبب التحولات المناخية وما ينجم عنها من تأثيرات على الموارد المائية والزراعة بسبب اعتماد هيكل الاقتصاد عليها، وارتفاع مستويات الفقر، والقيود الائتمانية، وضعف التكيف للتكنولوجيا ، واعتماد المنتجات الزراعية على التغذية المطرية.